البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النحل

صفحة 440 - الجزء 1

  السورة تسمى سورة النعم لأن الله كرر ذكر نعمه على خلقه فيها {وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ٨٣} بهذه النعم.

  قوله تعالى: {... وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} يعني إقرارهم بما كانوا ينكرون من طاعته، ويجوز أن يكون السلم بمعنى الاستسلام لعذابه {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ٨٧} يعني يضل ما كانوا يأملون وخذلهم ما كانوا يستنصرون.

  قوله تعالى: {... إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} والعدل هو الإقرار بالله تعالى وتوحيده والإحسان الصبر على أمره ونهيه وطاعته في سره وجهره، وإيتاء ذي القربى صلة الرحم {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ} عن كل ما فحش فعله {وَالْبَغْيِ} الكبر والظلم ويحتمل أن يكون العدل وهو القضاء بالحق والإحسان والتفضل بالإنعام، وإيتاء ذي القربى صلة الأرحام، وينهى عن الفحشاء هي ما يستتر بفعله من القبائح والمنكر ما يتظاهر به منها فينكر والبغي ما يتطاول به من ظلم أو غيره.

  قوله ø: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} وهذه الآية نزلت في بيعة رسول الله ÷ الناس على الإسلام وهي عامة في كل عقد عقده الإنسان من يمين على نفسه مختاراً فإنه يجب عليه الوفاء به ما لم يدع ضره إلى حله وأهل الحجاز يقولون وكدت اليمين توكيداً، وأهل نجد يقولون: أكدت اليمين توكيداً.

  قوله ø: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} هذا مثل ضربه الله تعالى لمن نقض عهده ونكث كالتي تنكث غزلها {مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} يعني أنقاضاً واحدها نكث وهو كل شيء نقض بعد الفتل وهذا مثل ضربه الله تعالى وأراد إن كان هذا هو الفعل مما علمتموه وكان عندهم سفهاً منكراً وكذلك نقض العهد الذي لا ينكرونه هو منكر {تَتَّخِذُونَ