البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة بني إسرائيل

صفحة 449 - الجزء 1

  دعاؤه بهذا الشر كما يستجاب بالخير لهلك {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ١١} أي عجولاً بالدعاء على نفسه وولده عند غضبه.

  قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءَايَتَيْنِ فَمَحَوْنَا ءَايَةَ اللَّيْلِ} يعني ظلمة الليل التي لا تبصر فيها المرئيات كما لا يبصر ما يجيء من الكتاب وهذا من أحسن البلاغة.

  وروينا عن أمير المؤمنين علي # أن محو آية الليل هي الطخية السوداء التي في القمر ليكون نور القمر أقل من ضوء الشمس فيتميز به الليل من النهار {وَجَعَلْنَا ءَايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} يعني الشمس أنها مضيئة للأبصار.

  قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} وطائره عمله من خير أو شر مثلما كانت العرب تقول في سوانح الطير وبوارحها فالسانح الطائر ذات اليمين تبرك به وهو طائر الخير والبارح الطائر من ذات الشمال تتشاءم به وهو طائر الشر وهذا كان على مذاهبهم في أفعالهم. وقيل: الطائر الحظ والنصيب من قول العرب: طار سهم فلان بكذا إذا خرج حظه ونصيبه {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ١٣} يعني يلقى أعماله كلها محضرة منشورة معلومة من خير أو شر كما يجد الإنسان الشيء المكتوب في الكتاب معلوماً منشوراً إذا رجع إليه ويحتاج إلى كتابة الأعمال وإثبات الأفعال من يخشى عليه السهو والنسيان فأما الباري ø فهو عالم بالأشياء قبل كونها وهي معلومة لنا بعد كونها {اقْرَأْ كِتَابَكَ} يعني انظر إلى أعمالك {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ١٤} يعني شاهداً وحاكماً عليك بعملك من خير أو شر ولقد أنصف وعدل من جعل الإنسان حسيب نفسه تعالى عما يقولون علواً كبيراً.