البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة بني إسرائيل

صفحة 458 - الجزء 1

  النهار.

  قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} أما الهجود فهو النوم، قال الشاعر:

  ألا طرقتنا والرفاق⁣(⁣١) هجود ... فباتت بغلات النوال تجود

  وأما التهجد فهو السهر بعد النوم وإنما خص # الترغيب فيهما ليسبق إلى حيازة فضلها لاختصاصها بكرامته {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩} والمقام المحمود هو ما أعطاه ø من الدرجات الرفيعة والمنازل السنية والشفاعة للمؤمنين.

  قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} يعني أدخلني فيما أمرتني به من طاعتك مدخل صدق وأخرجني مما أمرتني به مخرج صدق، والثاني: أدخلني مدخل صدق فيما أرسلتني به من النبوة بتبليغ الرسالة {وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ٨٠} يعني ملكاً عزيزاً أقهر به العصاة.

  قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} الحق الجهاد والباطل الشرك وزهق أي ذهب {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ٨١} أي ذاهباً، وروينا أن رسول الله ÷ لما نزلت هذه الآية دخل الكعبة فرأى فيها التصاوير فأمر بثوب فبل بالماء وجعل يضرب به تلك التصاوير يمحوها ويقول: «جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا».

  قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} يعني شفاء من الضلال لما فيه من الهدى وشفاء من الأسقام لما فيه من البركة


(١) نخ (ل): والنيام هجود ... إلخ.