البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الكهف

صفحة 467 - الجزء 1

  الحسين ~: نحن من القليل الذين ذكر الله ø في استثنائهم كانوا سبعة وثامنهم كلبهم. {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا} يعني ما قد أظهرناك عليه لا من أمرهم ويجوز أن يكون المراء الظاهر هو الحجة الواضحة والخبر الصدق {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا ٢٢} هذا خطاب للنبي ÷ ونهي لأمته.

  قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ٢٣ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فهذا وإن كان أمر فهو على وجه التأديب والإرشاد لا يعزم على أمر إلا بمشيئة الله تعالى لأن العزم ربما صد عنه مانع فيصير في وعده مخلفاً وفي قوله كاذباً {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} يعني إذا غضبت لأن الغضب يزول عنده ذكره {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ٢٤}.

  قوله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ٢٥} وهذا إخبار من الله بهذه العدة عن مدة مقامهم في الكهف من حين دخلوا إلى أن ماتوا فيه ثم قال بعد ذلك: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} يعني لبثوا بعد موتهم إلى نزول القرآن {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} معناه أن الله تعالى أبصر وأسمع أي أبصر بما قال وأسمع.

  قوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ٢٧} يعني ملجأ وموئلاً وقيل معدلا.

  قوله ø: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} روينا أن هذه الآية نزلت على رسول الله ÷ في الحديبية فلما نزلت قال: «الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر معهم».

  وفي قوله: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} يعني يدعونه بالغداة