البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الكهف

صفحة 468 - الجزء 1

  والعشي رهبة ورغبة.

  {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} أي ولا تتجاوز بالنظر إلى غيرهم من أهل الدنيا طلباً لزينتها وقيل: إن عيينة بن حصن أتى إلى النبي ÷ قبل إسلامه فقال: يا رسول الله اجعل لأصحابك مجلساً لا نجتمع معهم فيه واجعل لنا مجلساً لا يجتمعون معنا فيه فأنزل الله تعالى فيه: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ٢٨} يعني وجدناه غافلاً عن ذكرنا وكان أمره فرطاً أي متروكاً مضيعا.

  قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} هذا كان خارجاً مخرج التخيير فهو على وجه التهديد والوعيد {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} وسرادقها دخانها قبل أن يصلوا إليها وهذا الذي قال الله تعالى: {إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ٣٠}⁣[المرسلات].

  {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} وقيل المهل: كلما أُذيب فإمّاع وقيل هو الدم والقيح {بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ٢٩} قيل: المرتفق المتكأ مضاف إلى المرفق ومنه قول أبي ذؤيب:

  بات الخلي وبت الليل مرتفقاً ... كأن عيني فيها الصاب مذبوح

  قوله تعالى: {.. وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} والسندس ما لطف من الديباج والاستبرق ما غلظ منه، شعراً:

  تراهن يلبسن المشاعر مرة ... وإستبرق الديباج طوراً لباسها

  {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} قيل إنها الحجال، وقيل إنها الفرش في