سورة الكهف
  وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} والصغيرة من الذنوب هي التي تغفر باجتناب كبائرها، والكبائر فهن الموجبات ويجب على الإنسان اجتناب الصغائر ولا يتهاون بهن لأن النبي ÷ يقول: «إياكم والمحقرات من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه» {وَوَجَدُوا} أي أحصى {مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} معلوماً كالمثبت من الكتاب.
  قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} لأن إبليس لم يكن من الملائكة كما ذهب إليه قوم {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} أي خرج عن طاعته من قولهم فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها وسميت الفأرة فويسقة لخروجها من جحرها قال رؤبة بن العجاج:
  يهوين من نجد وغور غائرا ... فواسقاً عن قصدها جوائرا
  قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} يعني ما أشهدتهم إياها استعانة منهم في خلقها ولا خلق أنفسهم يعني ما استعنت ببعضهم على خلق بعض {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ٥١} يعني أولياء وأعواناً.
  {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ٥٢} يعني مهلكاً {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ} فيه وجهان أحدهما: أنهم عاينوها في المحشر، والثاني: علموا بها عند العرض {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} وقد يعبر عن العلم بالظن لأن الظن مقدمة العلم {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ٥٣} يعني معدلاً ولا منجى ينصرفون إليه.
  {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ٥٤}.
  قوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ٥٥} بالضم للقاف والباء وهو جمع قبيل ومعناه ضرب من العذاب وأنواع منه، وقرئ بكسر القاف وفتح