البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة مريم & مكية

صفحة 484 - الجزء 2

  وفي تسمية الله ø روحنا وجهان أحدهما: أنه روحاني لا يشوبه شيء غير الروح وإضافته إليه. والثاني: أنه يأتي من قبل الله تعالى بما تحيا به الأرواح وسبب الحمل أنه ما كان إلا أن حملته فولدته بعد ستة أشهر.

  قوله تعالى: {... فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} هو وألجأها كما قال زهير:

  وجار سار معتمداً علينا ... أجاءته المخافة والرجاء

  {قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ٢٣} أي استحياء من الناس أن يظنوا بها سوءاً أي لم أخلق ولم أك شيئاً، وقيل النسي المنسي هو السقط.

  قوله تعالى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} أي عيسى # كان المنادي وقيل إن المنادي جبريل # كأنها كانت على رابية وأكمه وهو أسفل منها {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ٢٤} يعني عيسى # ويحتمل أن يكون السري النهر الصغير.

  قوله ø: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ٢٥} وقيل لم يكن للنخلة رأس وكان ذلك في الشتاء فجعله الله آية روي أنها اخضرت وهي تنظر وحملت وهي تنظر ثم نضجت وهي تنظر.

  قوله تعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا} يعني من الرطب الجني واشربي من السري وقري عيناً بالولد {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} إما للإنكار عليك وإما للسؤال عنك {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أي صمتاً ويجوز أن يكون صوماً عن الطعام والشراب والكلام {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ٢٦} وإنما كان امتناعها عن الكلام ليتكلم عنها ولدها