البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الحج

صفحة 518 - الجزء 2

  {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ} أي جعلناه قبلة لصلاتهم ومنسكاً لحجهم {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ} المقيم {وَالْبَادِ} هو الطارئ إليه أي سواء في حكم المسجد {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٥} والإلحاد الميل عن الحق والباء زائدة كزيادته في قوله: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}⁣[المؤمنون: ٢٠]، أي الدهن كما قال الشاعر:

  نحن بنو جعدة أصحاب الفلج ... نضرب بالسيف ونرجو بالفرج

  قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} والإلحاد والظلم هو الإشراك بالله ø وأن يعبد فيه غير الله ø واستحلال المسجد الحرام متعمد.

  وروينا أن هذه الآية نزلت في أبي سفيان بن حرب وأصحابه حين صدّوا رسول الله ÷ عن عمرته عام الحديبية.

  قوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} وطأنا له مكان البيت أي عرفناه بمكانه بعلامة استدل والعلامة قيل إن الله ø بعث ريحاً فكشفت ما حول البيت {أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} أي لا تعبد معي إلهاً {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} أي من الشرك وعبادة الأوثان وسائر الأنجاس من الدماء والأقذار {لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ٢٦} أما الطائفين فالمراد به بالبيت، والقائمون في الصلاة أو بجميع ما أمرهم الله تعالى من الطاعات، والركع السجود يعني المصلين.

  قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ} أي أعلمهم وناد فيهم بالحج، قيل: إن هذا خطاب لرسول الله ÷ أن يأمر الناس بحج البيت {يَأْتُوكَ رِجَالًا} يعني مشاة على أقدامهم، والرجال جمع راجل {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} أي وعلى كل جمل ضامر لأنه لا يصل إلا وقد ضمر