البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الحج

صفحة 522 - الجزء 2

  وَبِيَعٌ} أي صوامع الرهبان، وروينا عن النبي ÷ أنه قال: «صومعة الرجل بيته»، وبيع: وهي كنائس اليهود {وَصَلَوَاتٌ} أي وتركت صلوات {وَمَسَاجِدُ} أي مساجد المسلمين.

  قوله تعالى: {... وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ٤٥} والمشيد الحصين ومنه قول الشاعر:

  ويتما لم تترك بها جذع نخلة ... ولا أطما إلا مشيد بجندل

  وقد يكون بمعنى الرفيع قال عدي بن زيد:

  شاده مرمراً وجلله كلساً ... فللطير في ذراه وكور

  والبئر المعطلة الذي غار ماؤها وهلك أهلها وإنما هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن النافع بالقصر المشيد للانتفاع به وللكافر الضار بالبئر المعطلة التي لم تنفع.

  قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} هذا يدل على أن العقل علم وعلى أن محل ذلك العلم القلب، وفي قوله: يعقلون بها أي يعتبرون بها {أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} أي يفهمون بها ما سمعوه من أخبار القرون السالفة {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦} القلوب لا يصح عليها العمى ولكن إذا لم تحفظ ما ينفعها صارت بمنزلة العيون العمي التي لا تنفع في النظر.

  قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} أي يستبطئون نزوله استهزاء منهم {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} أي لن يؤخر الله عذابه عن وقته {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ٤٧} أي أن طول يوم واحد من