البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الحج

صفحة 523 - الجزء 2

  أيام الآخرة كطول ألف سنة من أيام الدنيا مما تعدون وأن ألم العذاب في يوم من أيام الآخرة كألم ألف سنة من أيام الدنيا في الشدة وكذلك النعيم.

  قوله تعالى: {... وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي ءَايَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} أي تكذيبهم بالقرآن وقرئ (معجزين) فمن قرأ معجزين أي متبطئين في اتباع النبي ÷ ومن قرأ معاجزين فمعناه متسارعين يظنون أنهم يعجزون الله هرباً.

  قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} أي إذا قرأ ألقى الشيطان في قراءته قال الشاعر:

  تمنى كتاب الله أول ليلة ... وآخرة لاقى حمام المناير

  والرسول والنبي معناهما مختلف فالرسول أعلى مرتبة من النبي لأن الرسول هوالذي تنزل عليه الملائكة بالوحي والنبيء هو الذي يوحى إليه في نومه، وقيل: إن الرسول هو المبعوث بالشرائع والنبي الذي يحفظ الشرائع.

  وسبب نزول هذه الآية ما روينا أن رسول الله ÷ لما نزلت عليه سورة النجم قرأها في المسجد الحرام حتى إذا بلغ إلى قوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ١٩ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ٢٠}⁣[النجم]، قرأ بعض المشركين من ورائه: تلك الغرانيق الأولى عندهن شفاعة ترتجى. أراد بذلك إضلال من سمع قراءة رسول الله ÷ من المشركين لأنهم لما سمعوا تلك الغرانيق الأولى سجدوا ورفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه فأنزل الله تعالى جبريل بذلك إنكاراً على من زاد في القرآن ما ليس فيه فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ