البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة القصص

صفحة 597 - الجزء 2

  {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ٥٦} يعني من يهتدي إلى الدين.

  قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} وهذه الآية نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف القرشي قال للنبي ÷: إنا لنعلم أن قولك حق ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك ونؤمن بك مخافة أن تخطفنا العرب من أرضنا يعني مكة وإنما نحن أكلة رأس العرب ولا طاقة لنا بهم فأجاب الله تعالى عما عنى قال: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا ءَامِنًا} بما في النفوس عليه من السكون إليه حتى لا تنفر الغزال والذئب والحمام والحدا. والثاني: أنه جعله آمناً بالأمر الوارد من جهته بأمان من دخله من الجبارين {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} أي تجمع إليه ثمرات كل أرض وبلد، وذكر لنا أن كتاباً وجد عند المقام فيه: (أنا الله لا إله إلا أنا، وبكة صنعتها يوم خلقت الشمس والقمر وحرمتها يوم خلقت السماوات وحففتها بسبعة أملاك يأتيها رزقها من ثلاث سبل مبارك لأهلها في الماء واللحم أول من يحلها أهلها). {رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا} أي عطاء من عندنا {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٥٧} لا يعقلون ويتدبرون.

  قوله تعالى: {.. وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا} يعني في معظم القرى وقيل المراد بها مكة.

  قوله تعالى: {.. أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ} قيل إن الآية نزلت في حمزة بن عبدالمطلب والوعد الحسن الجنة وملاقاتها دخولها {كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} هو أبو جهل {ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ٦١} يعني من المحضرين للجزاء.

  قوله تعالى: {... فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ} فيه وجهان أحدهما: الحجج، والثاني: الأخبار {فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ ٦٦} يعني بالأنساب، ويجوز لا يسأل بعضهم بعضاً أي يحمل من ذنوبه شيئاً.