البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة القصص

صفحة 598 - الجزء 2

  قوله تعالى: {.. وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} أي وربك يخلق ما يشاء من الخلق ويختار ما يشاء للنبوة والإمامة {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أي ما كان لهم فيه الخيرة فيكون ذلك إثباتاً. والثاني: معناه ما كان للخلق على الله تعالى الخيرة فيكون ذلك نفياً وهذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة حين قال ما حكى الله تعالى في سورة الزخرف: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ٣١}⁣[الزخرف]، يعني نفسه وأبا مسعود الثقفي، فقال الله تعالى: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أن يتخيروا على الله الأنبياء {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٦٨}.

  قوله تعالى: {... وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} فيه وجهان أحدهما: معناه أخرجنا من كل أمة رسولاً مبعوثاً إليها. والثاني: أحضرنا من كل أمة رسولاً يشهد عليها أن قد بلغ رسالة ربه إليها {فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} أي حجتكم وبينتكم {فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ} أي العدل لله {وَضَلَّ عَنْهُمْ} يعني يوم القيامة {مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ٧٥} في الدنيا من الكذب.

  قوله تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ} وكان ابن عم موسى أخي أبيه وكان قطع البحر مع بني إسرائيل وكان قارئاً للتوراة ولكن كان عدواً لله نافق كما نافق السامري {فَبَغَى عَلَيْهِمْ} يعني كفر وتجبر عليهم بكثرة أمواله وأولاده وتعدى على بني إسرائيل وظلمهم {وَءَاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} قيل إنه وجد كنزاً تحت الأرض {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} يعني مفاتيح خزائنه لتنوء بالعصبة أي لتثقل العصبة وقيل إنه مأخوذ من النائي وهو البعيد قال الشاعر:

  ينأون عنا وما ننسى مودتهم ... فالقلب منهم رهين حيث ما كانوا