البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة العنكبوت]

صفحة 605 - الجزء 2

  ولا يقصدون العناد.

  قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا} أي شهيداً على الصدق والإبلاغ وعليكم بالتكذيب والعناد {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} وهذا احتجاج عليهم في صحة شهادته عليهم لأنهم قد أقروا لعلمه فلزمهم أن يقروا بشهادته {وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْبَاطِلِ} يعني بعبادة الأصنام والأوثان {وَكَفَرُوا بِاللَّهِ} لتكذيبهم برسله وجحدهم بكتبه، والثاني بما أشركوه من الآلهة وأضافوه إليه من الأولاد والأنداد {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ٥٢} يعني خسروا أنفسهم بإهلاكها وخسروا في الآخرة بالمعاصي نعيم الجنة.

  قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} واستعجالهم شدة عنادهم لنبيه. والثاني: أنه استهزاؤهم بقولهم: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣٢}⁣[الأنفال].

  {وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى} أي يوم القيامة، والثاني: انه الوقت الذي قدره الله ø لعذابهم وهلاكهم {لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ} الذي استعجلوه {وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً} أي فجأة {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ٥٣} أي لا يعلمون بنزوله بهم.

  وروينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «تقوم الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى جوفه حتى تقوم الساعة».

  قوله تعالى: {... يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} أي جانبوا أهل المعاصي بالخروج من أرضهم واطلبوا أولياء الله بالخروج إليهم {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ٥٦} أي بالهجرة وأن لا تطيعوا أحداً في معصيتي.

  قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} يعني أن كل حي ميت وأن أنبياء الله وإن اختصوا بكرامته وتفردوا برسالته فحلول الموت بهم كحلوله