البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة العنكبوت]

صفحة 606 - الجزء 2

  بغيرهم حتى لا يظنوا الموت ممن مات منهم.

  وروينا عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن زين العابدين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين علي # قال: (لما توفي رسول الله ÷ جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل هالك ودركاً من كل فائت، فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب). {ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ٥٧} يريد به البعث يوم القيامة بعد الموت في الدنيا.

  قوله تعالى: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} قرئ ولنثوينهم بالثاء من الثوى وهو المقام فأما لنبوئنهم فمعناه لنسكننهم والغرف أعالي البيوت وإنما خصهم بالغرف لأمرين أحدهما أن الغرف لا تستقر إلا على البيوت فصار فيهما جميعاً جمعاً بين الأمرين. والثاني: لأنها أنزه من البيوت السفلى لإشرافها.

  وروينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله ø لمن أطعم الطعام وأطاب الكلام وتابع الصلاة والصيام وقام بالليل والناس نيام».

  قوله تعالى: {.. وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} يعني تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئاً، وقيل: تأكل ولا تدخر لغدها {اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} يعني يسوي بين الحريص والمتوكل وبين الراغب والقانع في رزقه وكذلك بين الحيول والعاجز حتى لا يعتبر الجلد أنه من رزق بجلده ولا يتصوره العاجز أنه ممنوع لعجزه.