البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأحزاب مدنية

صفحة 637 - الجزء 2

  الخندق.

  {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ} يعني شخصت ومالت {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} وهن الحلاقيم يعني بزوالها عن أماكنها بلغت الحلاقيم.

  وروي أنه قيل لرسول الله ÷: يا رسول الله هل من شيء نقوله قال قد بلغت القلوب الحناجر؟ قال: «نعم قولوا: اللهم آمن روعتنا واستر عورتنا» فضرب الله وجوه أعدائه بالريح فهزموا بها.

  {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ١٠} فظن المنافقون أن رسول الله ÷ وقومه يستأصلون وأيقن المسلمون أن ما وعد الله سبحانه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

  قوله تعالى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} في ابتلائهم تأويلان أحدهما بالحصار. والثاني: امتحنوا في الصبر على إيمانهم وتميز المؤمن من المنافق، وهنالك يستعمل للبعيد من المكان وهناك للوسط وهنا للقريب {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ١١} يعني حركهم الأمن بالثبات والصبر.

  {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} يعني شكاً وشركاً {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ١٢} وروينا عن آبائنا $ أن رسول الله ÷ كان يحفر الخندق لحرب الأحزاب فبينما هو يضرب فيه بمعوله إذ وقع المعول على صفا فطارت منه لهبة الشهاب من نار في السماء فضرب الثانية فخرج منه مثل ذلك فضرب الثالث فخرج مثل ذلك فرأى ذلك سلمان فقال له النبي ÷: «رأيت ما خرج من كل ضربة ضربتها؟» قال: نعم يا رسول الله فقال النبي ÷: «يفتح لكم بيض المدائن وقصور الشام ومدائن اليمن» قال: ففشا ذلك في أصحاب رسول الله ÷ وتحدثوا به فقال بعض المنافقين: أيعدنا محمد أن تفتح لنا مدائن