سورة الأحزاب مدنية
  أن أبا سفيان وأحزابه من المشركين حين تفرقوا عن رسول الله ÷ مغلوبين لم يذهبوا عنهم وأنهم قريب وإنما في حسابهم وجهان أحدهما: أنهم كانوا على ذلك لنفاقهم وشدة جزعهم. والثاني: تضييعاً للريا واستدامة للتحرز {وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ} يعني أبا سفيان وأصحابه من المشركين {يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ} يعني يود المنافقون لو أنهم بادية مع الأعراب حذاراً من القتل وتربصاً للدوائر {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} يعني عن أخباركم للنبي ÷ وأصحابه ويتحدثون أما هلك محمد أما غلب أبو سفيان {وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا ٢٠} يعني رياء وسمعة.
  {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فيه تأويلان أحدهما مواساة في القتال، والثاني: قدوة فيها يتبع، والأسوة المشاركة وفي ذلك وجهان أحدهما: الصبر مع رسول الله ÷ في حروبه، والثاني: التسلية لهم فيما أصابهم وأن رسول الله ÷ شج وكسرت رباعيته وقتل عمه حمزة {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ٢١} أي استكثر من ذكر الله خوفاً من عقابه ورجاء لثوابه.
  قوله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} وذلك أن الله سبحانه وتعالى قد وعدهم في سورة البقرة فقال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا}[البقرة: ٢١٤] ... إلى قوله: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ٢١٤}[البقرة]. {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ٢٢} يعني إيماناً بما وعد الله