البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأحزاب مدنية

صفحة 651 - الجزء 2

  يا رسول الله ونحن فلا نكلمهن أيضاً إلا من وراء حجاب فنزل قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي ءَابَائِهِنَّ}.

  {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} وقد مر الكلام في تفسير صلاة الله تعالى وصلاة الملائكة وقولنا: اللهم صل على محمد وآل محمد أي زد محمداً بركة ورحمة {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ٥٦} أي سلموا لأمره بالطاعة تسليما.

  قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} وهذه الآية نزلت في المنافقين الذين كانوا يؤذون النبي ÷ ويبهتونه ويكذبونه، ومعنى قوله: يؤذون الله يعني يؤذون رسوله فجعل أذى رسوله أذى له تشريفاً لمنزله وتشييداً لكلمته، ولعنة الدنيا القتل والجلاء، ولعنة الآخرة النار.

  قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ٥٨} وهذه الآية نزلت في كل من كان يؤذي أمير المؤمنين علياً # وفاطمة بنت رسول الله ÷ وعليها أجمعين ويكذبون عليهما.

  قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} والجلباب كل ثوب تكتسيه المرأة فوق ثيابها وإنما أمرت بذلك لتغطي به وجهها وبدنها حتى لا يبدو غير عينها اليسرى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} يعني يعرفن من المتبرجات بالصيانة فلا يؤذين بالكلام والتعرض لأن قوله ø: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} ومعنى قوله لئن لم ينته عن إظهار النفاق والشرك الذي في قلوبهم {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} وهم الذين يذكرون من الأخبار ما يضعفون به قلوب المؤمنين ويقوون به قلوب