البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة سبأ مكية

صفحة 655 - الجزء 2

  وصرتم عظاماً ورفاتاً وتقطعكم السباع والطير {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ٧} أي أنكم ستحيون وتبعثون.

  قوله تعالى: {.. أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} يعني أفلم يعلموا ما بين أيديهم ممن أهلكهم الله من الأمم في أرضه وما خلفهم من أمر الآخرة في سمائه {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ} يعني كما خسفنا بمن كان قبلهم {أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} ليعلموا أنه قادر على أن يعذب بسمائه إن شاء وبأرضه إن شاء {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ٩} وهو المقبل بتوبته والمخلص في توحيد الله وطاعته.

  قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا} والفضل النبوة وفصل الخطاب والحكم والزبور {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} والتأويب السير وكانت الجبال والأرض تنطوي لداود ولسليمان إذا ساروا قال الشاعر:

  يومان يوم مقامات وأندية ... ويوم سير إلى الأعداء تأويب

  {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ١٠} وهذا من معجزاته فكان يعمل به كما يعمل بالطين لا تدخله النار ولا يضربه بمطرقة.

  {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} أي دروعاً تامة ومنه إسباغ النعمة يعني إتمامها وكان أول من صنعها داود وإنما كانت قبل ذلك صفائح {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} قال قدر المسامير لا تدق المسامير فتسلس ولا تجلها فتنقبض الحلقة والسرد المسامير ومنه قولهم: سرد الكلام سرداً إذا تابع بينه، ومنه قوله ÷ في الأشهر الحرم: «ثلاثة سرد وواحد فرد».

  وروينا في الآثار أن داود # كان يرقع كل يوم درعاً فيبيعها بستة آلاف درهم فألفان له ولأهله وأربعة آلاف يطعم بها بني إسرائيل.