البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة سبأ مكية

صفحة 658 - الجزء 2

  ألف شاة واتخذ اليوم الذي فرغ من بنائه عيداً وأقام على الصخرة رافعاً يديه إلى الله تعالى بالدعاء فقال: (اللهم أنت وهبت لي هذا السلطان وقويتني على بناء هذا المسجد، اللهم فأوزعني شكرك على ما أنعمت وتوفني على ملتك ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، اللهم إني أسألك لي ولمن دخل هذا المسجد خمس خصال: لا يدخله مذنب دخل للتوبة إلا غفرت له وتبت عليه ولا خائف إلا أمنته، ولا مريض إلا شفيته ولا فقير إلا أغنيته، والخامسة أن لا تصرف نصرك عمن يدخله حتى لا يخرج إلا من أراد إلحاداً أو ظلماً يا رب العالمين).

  قوله ø: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ ءَايَةٌ} وروينا عن رسول الله ÷ أن سبأ اسم رجل ولد له عشرة فسكن اليمن منهم ستة والشام أربعة أما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير. وأما الشاميون: فلخم، وجذام، وغسان، وعاملة. وبعث إلى سبأ اثني عشر نبياً.

  وأما الجنتان فكان أحدهما عن يمين الوادي والأخرى عن شماله وأن المرأة كانت تمشي فيهما وعلى رأسها مكتل فيمتلئ وما مسته بيدها {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ} يعني الذي رزقهم من جنتهم {وَاشْكُرُوا لَهُ} أي على ما رزقهم {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ} وهي مأرب لأن أرضها عذبة وليست بسبخة ولأن ما بها ما يؤذي من الهوام وثمارها هنية موفرة.

  فإن قيل: فكيف خصهم بالامتنان بأنه غفور للذنوب، وهذه نعمة من نعم جميع الخلق فعنه جوابان أحدهما: يجوز أن يكون امتنانه عليهم بعفوه من عذاب الاستئصال بتكذيب من كذبوه من سائر الأنبياء إلى أن استداموا الإصرار واستؤصلوا. والثاني: لأنه جمع لهم بين طيب البلد الذي هم فيه