البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الذاريات مكية

صفحة 746 - الجزء 2

  قوله تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ٢٣} يعني ما عدد الله عليكم من آياته في هذه السورة، وروينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «قاتل الله أقواماً أقسم لهم ربهم فلم يصدقوه»، وكان قس بن ساعدة الإيادي ينبه بعقله على هذه العبر وهو في الجاهلية وقد اتعظ واعتبر؛ فروينا عن رسول الله ÷: «رأيته على جمل بعكاظ وهو يقول: أيها الناس اسمعوا وعوا: من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو قريب آت، ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون، أرضوا بالإقامة فأقاموا، أم نزلوا كما هم إلى نوم فناموا، إن في السماوات لخبراً وإن في الأرض لعبراً، سقف مرفوع، وليل موضوع، ونجوم تحور ثم تغور، أقسم قسٌّ بالله قسماً ما أثم أن لله تعالى ديناً هو أرضى من دين نحن عليه ثم تكلم بأبيات شعراً:

  في الذاهبين الأولين ... من القرون لنا بصائر

  لما رأيت موارداً ... للموت ليس لها مصادر

  ورأيت قومي نحوها ... تمضي الأكابر والأصاغر

  لا يرجع الماضي ولا ... أمر من الحدثان غابر

  أيقنت أني لا محا ... لة حيث صار القوم صائر

  قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ٢٤} قيل إنهم كانوا أربعة من الملائكة مع جبريل وإنما سموا مكرمين لأنهم عند الله معظمين.

  قوله تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} لأن التحية بالسلام تقتضي سكوناً وأماناً قال الشاعر:

  أظليم إن مصابكم رجلاً ... أهدى السلام سلامكم ظلم