البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النجم مكية

صفحة 754 - الجزء 2

  {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ} أي قيد قوسين وقيل إنه ما بين الوتر وكبد القوس والمراد به التداني بين جبريل وبين النبي ÷.

  {.. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ١١} فيه قولان أحدهما: معناه ما أوهمه فؤاده روية ما هو بخلافه كتوهم السراب ماء فيصيره فؤاده يتوهم المحال كالكاذب له. والثاني: معناه ما أنكر قلبه ما رأته عينه والذي رآه هو جبريل # رآه مرتين على صورته.

  {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ١٢} يعني تجادلونه في رؤيته {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ١٣} يعني جبريل مرة ثانية بعد أولى {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ١٤} وهو موضع ينتهي إليه علم الأنبياء والملائكة ولا يجاوزه لأن عندها جنة الخلد فالمجاوزة إليها تكون في الآخرة.

  {.. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ١٦} يعني يغشى الملائكة. فإن قيل: لم اختيرت السدرة لهذا الأمر دون غيرها من الشجر؟ فالجواب: أن السدرة تختص بثلاثة أشياء ظل مديد وطعم لذيذ ورائحة ذكية فشابهت الإيمان الذي يجمع قولاً وعملاً ونية وظلها من الإيمان بمنزلة العمل لتجاوزه وطعمها بمنزلةالنية لكمونه ورائحتها بمنزلة القول لظهوره.

  {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ١٧} وزيغ البصر انحرافه وذهابه وطغيانه تجاوزه الحق {لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ١٨} لأنه رأى جبريل # قد سد الأفق بأجنحته.

  قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ١٩} قرئ بتشديد اللات وتخفيفها فمن خففها فكأنه أراد صنماً بالطائف ذكر أن صاحبه كان يلت السويق على الحجر ثم مات فعكف أصحابه على قبره وصاروا يعبدون الحجر الذي كان يلت عليها شعراً: