البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة القمر مكية

صفحة 760 - الجزء 2

  قوله تعالى: {.. إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} روينا أن رسول الله ÷ لما نزل الحجر في مغزاة تبوك قال لأصحابه: «أيها الناس لا تسألوا عن الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أنه يبعث لهم آية فبعث الله لهم الناقة فكانت ترد من ذلك الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون منها مثل الذي كانوا يشربون منها يوم غبها ويصدر من ذلك» هو معنى قوله: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ٢٨}.

  قوله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ٢٩} وصاحبهم الذي نادوه يعقرها قدار بن سالف قال الأفوه:

  فإنه كقدار حين تابعه ... على الغواية أقوام فقد بادوا

  {فَتَعَاطَى} أي تناولها بيده بعد ما كمن لها في أصل صخرة على طريقها فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها ثم شد عليها بالسيف فضرب عرقوبها فخرت ورغت ثم نحرها فأتاهم صالح فلما رأى الناقة قد عقرت بكى ثم قال: (انتهكتم حرمة الله فابشروا بعذاب الله) وكان قدار أحمر أزرق.

  قوله تعالى: {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ٣١} أراد الحضائر البالية إذا صارت هشيماً ومنه قول الشاعر:

  أثرت عجاجة بدخان نار ... يشب بقرقر بال هشيم

  والمحتضر الذي تحضر به العرب حول مواشيها من السباع قال الشاعر:

  ترى حيث المطي بجانبيه ... كأن عظامها خشب الهشيم

  {... إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} والحاصب الحجارة التي رموا بها من السماء والحصباء هو الحصى وصغار الحجار ولذلك تقول العرب لما تسفيه