البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة القمر مكية

صفحة 761 - الجزء 2

  الرياح حاصباً قد مر الاستشهاد فيه {إِلَّا ءَالَ لُوطٍ} يعني من آمن به من ولده {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ٣٤ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} وهو ما بين آخر الليل وطلوع الفجر وهو في كلام العرب اختلاط سواد آخر الليل ببياض أول النهار لأن في هذا الوقت تجمع ملائكة الليل وملائكة النهار.

  قوله تعالى: {.. وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ} يعني ضيف لوط وهم الملائكة الذين نزلوا عليه في صورة البشر فراودوا لوطاً # طلباً للفاحشة بهم {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} والطمس هو محو الأثر ومنه طمس الكتاب إذا محي {فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ٣٧} وهو تقريع بما نالهم في الحالة من العناء.

  قوله تعالى: {... أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} يعني ليس كفاركم خير من كفار من تقدم من الأمم الذين هلكوا فكيف تتقون {أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ ٤٣} يعني في الكتب السالفة من الله ø أنكم لا تهلكوا كما هلكوا ومنه قول الشاعر:

  وترى منها رسوماً قد عفت ... مثل لام الوحى في خط الزبر

  {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ ٤٤} يعني بالعدد والقوة فقد كان من هلك أكثر عدداً وأقوى يداً.

  قوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ٤٥} يعني سيهزم جمع كفار قريش وذلك يوم بدر وهذه معجزة وعدهم الله بها فحققها وفي ذلك شعر حسان:

  ولقد وليتم الدبر لنا ... حين سال الموت من رأس الجبل