سورة الممتحنة مدنية
  تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} ولم يشرط ردهن في العقد لفظاً وإنما أطلق العقد في رد من أسلم فكان ظاهر العموم واشتماله عليهن من الرجال فبين الله سبحانه خروجهن من العموم.
  وفرق بينهن وبين الرجال لأمرين أحدهما: أنهن ذوات فروج يحرمن عليهم. والثاني: أنهن أرأف قلوباً وأسرع تقلباً منهم فأما المقيمة منهن على الشرك فمردودة عليهم وقد كان من أراد منهن إضرار زوجها قالت: سأهاجر إلى محمد فلذلك أمر رسول الله ÷ بامتحانهن وكان امتحانهن أن يقال لمن خرجت منهن: تالله لا خرجت من بغض زوج، تالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض، تالله ما خرجت التماس دنيا، تالله ما خرجت إلا حباً لله ولرسوله ويقرأ عليهن.
  قوله تعالى: {... يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٢} فكان يبايعهن على ذلك فهذا معنى قوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} يعني بما في قلوبهن بعد امتحانهن.
  {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} يعني في الظاهر {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} يعني أن المؤمنات محرمات على المشركين والمشركات والمرتدات محرمات على المسلمين.
  ثم قال: {وَءَاتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} يعني بالنفقة مهور من أسلم منهن إذا سأل ذلك أزواجهن ثم قال: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} يعني المؤمنات إذا أسلمن عن أزواج مشركين أباح نكاحهن للمسلمين إذا