البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة التحريم مدنية

صفحة 809 - الجزء 2

سورة التحريم مدنية

  : قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} وسبب نزول هذه الآية أن مارية أم إبراهيم خلا بها رسول الله ÷ في بيت حفصة بنت عمر وقد كانت خرجت لزيارة أبيها فلما عادت وعلمت عتبت فحرمها رسول الله ÷ وأمرها أن لا تخبر بها أحداً من نسائه فأخبرت به عائشة لمصافاة كانت بينهما وكانتا يتظاهران على نساء رسول الله ÷ فطلق رسول الله ÷ حفصة بعدما حرم مارية واعتزل سائر نسائه تسعة وعشرين يوماً وكان قد جعل في نفسه أن يحرمهن شهراً فأنزل الله تعالى هذه الآية واستحل بعد ذلك مارية ورجع إلى سائر نسائه وإنما كان حرم مارية على نفسه بغير يمين فكان التحريم موجباً للكفارة اليمين فكفر عن ذلك ÷.

  قوله تعالى: {.. وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} والحديث الذي أسره هو ما ألقى على حفصة بأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب هو الإمام بعده والخليفة وأن أباها عمر وأبا بكر يتعاونان على إخراج الأمر من بين يديه ومن بين يدي ولده بالظلم {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} أي نبأت حفصة عائشة فذاع الخبر {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} أي ذكر تحريم مارية وأعرض عن بعض وهو تظلم أبويهما لصلاح عرفه ÷.

  قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} وهذا خطاب لحفصة وعائشة فيما كان منهما من الذنب في إفشاء سر رسول الله ÷ وإطلاع الناس عليه وصغت قلوبكما أي مالت قلوبكما عن