البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الجن مكية

صفحة 836 - الجزء 2

  فقلت: له دعني فقد أمسيت ناعساً ولم أرفع بما قال رأساً؛ فلما كان الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله فقال: قم يا سواد بن قارب اسمع مقالتي إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:

  عجبت للجن وتجساسها ... وشدها للعيس بحلاسها

  تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما خير الجن كأنجاسها

  فارحل إلى الصفوة من هاشم ... واسم بعينيك إلى رأسها

  قال: فأصبحت وقد امتحن الله قلبي للإسلام فرحلت ناقتي فأتيت المدينة فإذا رسول الله ÷ وأصحابه فقلت: اسمع مقالي يا رسول الله؛ قال: «هات» فأنشأت أقول:

  أتاني نجي بين هدى ورقدة ... ولم أك فيما قد بلوت بكاذب

  ثلاث ليال قوله كل ليلة ... أتاك رسول من لؤي بن غالب

  فشمرت من ذيلي الإزار ووسطـ ... ـني العريش الوجنا بين السباسب

  فأشهد أن الله لا شيء غيره ... وأنك مأمون على كل غائب

  وأنك أدنى المرسلين وسيلة ... إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب

  فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى ... وإن كان فيما جاء شيب الذوائب

  وكن لي شفيعاً يوم لا ذي شفاعة ... سواك بمغن عن سواد بن قارب

  قال: ففرح رسول الله ÷ به فرحاً شديداً حتى عرف ذلك الفرح في وجهه.