سورة المدثر مكية
  أنها معطشة للبشر أي لأهلها قال الشاعر:
  سقتني على لوح من الماء شربة ... سقاها بها الله الدهاق الغواديا
  يعني باللَّوَح شدة العطش، والبشر جمع بِشْرة وهي جلدة الإنسان الظاهرة {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ٣٠} وهؤلاء خزنة جهنم وهم الزبانية وعددهم هذا الذي ذكره الله تعالى وبلغنا أن رهطاً من اليهود سألوا رسول الله ÷ عن خزنة جهنم فأهوى بأصابع كفيه مرتين وأمسك الإبهام في الثانية وكان الاقتصار عليها دون غيرها من الأعداد إخباراً عمن وكل بها وهذا العدد موافق لما نزلت به التوراة والإنجيل.
  والذي ظهر لنا في هذا معنى خفي وهو أن تسعة عشر عدد يجمع أكثر القليل من العدد وأقل الكثير من العدد لأن العدد آحاد وعشرات ومئون وألوف فالآحاد أقل الأعداد وأكثر الآحاد تسعة، وما سوى الآحاد كثير وأقل الكثير عشرة فصارت التسعة عشر عدداً يجمع من الأعداد أكثر قليلها وأقل كثيرها فلذلك ما وقع عليه الاقتصار والله أعلم.
  وروينا أن أبا جهل بن هشام قال عند نزول هذه الآية: أما يستطيع كل عشرة أن يأخذوا واحداً منهم، وقال أبو الأسود الجمحي عند نزول ذلك: لا يهولنكم التسعة عشر أنا أدافع عندكم بمنكبي الأيمن العشرة من الملائكة وبمنكبي الأيسر التسعة ثم تمرون إلى الجنة يقوله مستهزئاً فقال الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}.
  وروينا أن رسول الله ÷ وصف أهل النار وخزنتها فقال: «كأن أعين الخزنة البرق وكأن أفواههم الصياصي لأحدهم مثل قوة الثقلين يسوق أحدهم الأمة على رقبته ويرمي بهم في النار ويرمي