البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة القيامة مكية

صفحة 850 - الجزء 2

  خسف من الأرض {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ٩} يعني جمع بينهما في ذهاب ضوئهما بالخسوف، ويجوز أن يكون المعنى أنه جمع بينهما في أن كورا جميعاً يوم القيامة {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ١٠} أين المهرب قال الشاعر:

  وأي كبش حاد عنها يفتضح ... أين المفر والكباش تنتطح

  {كَلَّا لَا وَزَرَ ١١} أي لا منجأ ولا ملجأ قال الشاعر:

  لعمرك ما للفتى من وزر ... من الموت يدركه والكبر

  {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ١٢} والمستقر المنتهى، ويحتمل أن يكون المستقر استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ١٣} يعني بما قدم من معصية وأخر من طاعة {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ١٤} يعني أنه شاهد على نفسه بما تقوم به الحجة عليه كما قال تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ١٤}⁣[الإسراء]، والثاني: أن جوارحه شاهدة عليه بعمله كما قال: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ٦٥}⁣[يس]، والثالث: أنه بصير بعيوب الناس غافل عن عيب نفسه والهاء في بصيرة للمبالغة.

  {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ١٥} معنى لو اعتذر يومئذ لم يقبل اعتذاره، ويحتمل أن يكون المعنى: ولو أرخى ستوره لأن المعذار في لغة اليمن من الستر قال الشاعر:

  ولكنها ظنت بمنزل ساعة ... علينا ولطت دوننا بالمعاذر