علامات الاسم
  والتنوين الغالى - وأثبته الأخفش - وهو الذى يلحق القوافى المقيّدة، كقوله:
  ٣ - *وقاتم الأعماق خاوى المخترقن*
= ومجرور متعلق بتزول، ورحال مضاف و «نا» مضاف إليه «كأن» حرف تشبيه ونصب، واسمها ضمير الشأن، وخبرها جملة محذوفة تقديرها «وكأن قد زالت» فحذف الفعل وفاعله المستتر فيه، وأبقى الحرف الذى هو قد.
الشاهد فيه: فى هذا البيت شاهدان للنحاة؛ أولهما دخول التنوين الذى للترنم على الحرف، وهو قد؛ فذلك يدل على أن تنوين الترنم لا يختص بالاسم؛ لأن الشئ إذا اختص بشئ لم يجئ مع غيره، والثانى فى تخفيف «كأن» التى للتشبيه، ومجئ اسمها ضمير الشأن، والفصل بينها وبين خبرها بقد، لأن الكلام إثبات. ولو كان نفيا لكان الفصل بلم، كما فى قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} ومثل هذا البيت فى الاستشهاد على ذلك قول الشاعر:
لا يهولنّك اصطلاء لظى الحر ... ب؛ فمحذورها كأن قد ألمّا
وسيأتى شرح ذلك فى باب إن وأخواتها.
٣ - هذا البيت لرؤبة بن العجاج، أحد الرجاز المشهورين، وأمضغهم للشيخ والقيصوم، والذى أخذ عنه العلماء أكثر غريب اللغة، وكان فى عصر بنى أمية، وبعده:
*مشتبه الاعلام لمّاع الخفقن*
اللغة: «القاتم» كالأقتم: الذى تعلوه القتمة، وهى لون فيه غبرة وحمرة، و «أعماق» جمع عمق - بفتح العين، وتضم - وهو: ما بعد من أطراف الصحراء. و «الخاوى» الخالى، و «المخترق» مهب الرياح، وهو اسم مكان من قولهم: خرق المفازة واخترقها، إذا قطعها ومر فيها، و «الأعلام» علامات كانوا يضعونها فى الطريق للاهتداء بها، واحدها علم بفتح العين واللام جميعا، و «الخفق» اضطراب السراب، وهو الذى تراه نصف النهار كأنه ماء، وأصله بسكون الفاء، فحركها بالفتح ضرورة.
المعنى: كثير من الأمكنة التى لا يهتدى أحد إلى السير فيها لشدة التباسها وخفائها قد أعملت فيها ناقتى وسرت فيها، يريد أنه شجاع شديد الاحتمال، أو أنه عظيم الخبرة بمسالك الصحراء.