شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

بعض هذه الأفعال يعمل بلا شرط، وبعضها لا يعمل الا بشرط

صفحة 264 - الجزء 1

  ٦٠ - وأبرح ما أدام الله قومى ... بحمد الله منتطقا مجيدا


٦٠ - البيت لخداش بن زهير.

اللغة: «منتطقا» قد فسره الشارح العلامة تفسيرا، ويقال: جاء فلان منتطقا فرسه؛ إذا جنبه - أى جعله إلى جانبه ولم يركبه - وقال ابن فارس: هذا البيت يحتمل أنه أراد أنه لا يزال يجنب فرسا جوادا، ويحتمل أنه أراد أنه يقول قولا مستجاذا فى الثناء على قومه، أى: ناطقا «مجيدا» بضم الميم: يجرى على المعنيين اللذين ذكرناهما فى قوله «منتطقا»، وهو وصف للفرس على الأول؛ ووصف لنفسه على الثانى.

المعنى: يريد أنه سيبقى مدى حياته فارسا، أو ناطقا بمآثر قومه، ذاكرا ممادحهم؛ لأنها كثيرة لا تفنى. وسيكون جيد الحديث عنهم، بارع الثناء عليهم؛ لأن صفاتهم الكريمة تنطق الألسنة بذكرهم.

الإعراب: «أبرح» فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «ما» مصدرية ظرفية «أدام» فعل ماض «الله» فاعل أدام «قومى» قوم: مفعول به لأدام، وقوم مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «بحمد» جار ومجرور متعلق بقوله «أبرح» أو هو متعلق بفعل محذوف، والتقدير «أحمد بحمد» وحمد مضاف، و «الله» مضاف إليه «منتطقا» اسم فاعل فعله انتطق، وهو خبر «أبرح» السابق، وفاعله ضمير مستتر فيه «مجيدا» مفعول به لمنتطق على المعنى الأول، وأصله صفة لموصوف محذوف، فلما حذف الموصوف أقيمت الصفة مقامه، وأصل الكلام: لا أبرح جانبا فرسا مجيدا، وهو خبر بعد خبر على المعنى الثانى، وكأنه قال: لا أبرح ناطقا بمحامد قومى مجيدا فى ذلك؛ لأن مآثر قومى تنطق الألسنة بجيد المدح.

الشاهد فيه: قوله «أبرح» حيث استعمله بدون نفى أو شبه نفى، مع كونه غير مسبوق بالقسم، قال ابن عصفور: وهذا البيت فيه خلاف بين النحويين، فمنهم من قال: إن أداة النفى مرادة، فكأنه قال «لا أبرح» ومنهم من قال: إن «أبرح» غير منفى، لا فى اللفظ ولا فى التقدير، والمعنى عنده: أزول بحمد الله عن أن أكون منتطقا مجيدا، أى: صاحب نطاق وجواد - لأن قومى يكفوننى هذا؛ فعلى الوجه الأخير فى كلام ابن عصفور لا استشهاد فيه.

ومثل هذا البيت قول خليفة بن براز: