مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب الرد على المجبرة القدرية

صفحة 263 - الجزء 1

  أرادوا ما أراد الله فقد زعم أنهم أرادوا الآخرة، وفي ذلك رد كتاب الله؛ لأن الله يقول: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}.

  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله ø: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، أتزعمون أن الله أراد ما يريد⁣(⁣١) كثير من الناس من العسر أم لم يرده؟

  فإن قالوا: بل الله يريده ويقضي به على من أراده - ردوا كتاب الله صراحاً.

  وإن قالوا: إن الله لا يريده - تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق.

  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ}⁣[الأنعام: ١٣٧]، أيقولون: إن شركاءهم هم⁣(⁣٢) الذين زينوا لهم قتل أولادهم ليردوهم بقتل أولادهم؟

  فإن قالوا: نعم هم المزينون لهم دون الله - رجعوا عن قولهم، وقالوا بالحق في ربهم.

  وإن قالوا: بل الله قضى بذلك عليهم وزينه لهم - فقد ردوا كتاب الله بذلك.

  ثم يقال لهم: كيف يزين الله لهم ذلك ثم يرمي به شركاءهم وهو الفاعل له دونهم؟ أما يسمعونه سبحانه يقول: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ١١٢}⁣[النساء]، فكيف يعيب الله سبحانه شيئاً ثم يفعل مثله؟! تبارك وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.

  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ


(١) في (ج): يريده.

(٢) هم: ساقط من (ب، ج، د، هـ).