كتاب الرد على المجبرة القدرية
  لَكُمْ}[الأنفال: ٤٨]، أتقولون(١): إن الشيطان زين لهم أعمالهم وقال لهم ما قال مما ذكر الله عنه؟ أم تزعمون أن الله الذي قال لهم وزين(٢)؟
  فإن قالوا: بل الشيطان زينه لهم وقاله - تركوا قولهم وخرجوا من الباطل.
  وإن قالوا: إن الله الذي زينه لهم - لزمهم أن يقولوا: إن الله زين لهم الخروج إلى قتال النبي ÷، وأنه هو الذي قال للمشركين: لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، وفي هذا إكذاب الله(٣) والكفر به.
  ومما يحتج به عليهم ويسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ٤٥}[الزخرف]، فيقال لهم: هل الله الذي جعل آلهة تعبد من دونه وقضى بذلك فيها؟
  فإن قالوا: إن الله جعل ذلك وقضى به - ردوا كتاب الله وكفروا به.
  وإن قالوا: لم يجعله ولم يقض به - تركوا قولهم، وخرجوا من الظلم(٤) إلى الحق.
  ويقال لهم: أليس الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة، كما قال وذكر أنه أهلهما؟
  فإن قالوا: نعم. قيل لهم: فهل يجوز أن يكون الظلم والمعصية من الله كما كانت التقوى والمغفرة منه؟ فإن قالوا: نعم. كفروا وخالفوا الكتاب، ونسبوا إلى الله غير الصواب.
  وإن قالوا: لا يكون الظلم والمعصية من الله - تركوا قول المبطلين، ورجعوا إلى قول المحقين.
  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه: {إِنَّ هَذِهِ
(١) في (ج): أتزعمون.
(٢) في (ج): قاله لهم وزينه.
(٣) في (ب، هـ): وهذا إكذاب الله.
(٤) في (هـ): الباطل.