كتاب الرد على المجبرة القدرية
  فإن قالوا: صدق الله إنهم لكاذبون فيما ادعوا عليه - تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق وقالوا بالعدل.
  وإن قالوا: هم كما قالوا لو شاء الله ما عبدوا غيره - فقد صدَّقوا قول الفاسقين، وردوا قول رب العالمين، ومن قال بذلك كان بالله من الكافرين، ولعذابه من المستوجبين.
  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ}[الصف: ٨]، أفتقولون: إن الكافرين هم الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله من دونه؟ أم هو الذي أراد أن يحملهم على إطفاء نور الله؟
  فإن قالوا: [إن الله(١)] أراد إتمام نوره - تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق، وقالوا بقول الله في ذلك.
  وإن قالوا: بل الله الذي أراد إطفاء نور نفسه - ردوا قول الله وكفروا به؛ لأن الله يقول في كتابه: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ}[التوبة: ٣٢]، والله يقول: إنهم يريدون إطفاء نور الله، والمجبرة والقدرية تقول: بل الله يريد إطفاء نور نفسه؛ إذ زعمت أنه يقضي على الفسقة بذلك.
  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}[آل عمران: ٢٨]، أتقولون إن فاعل ذلك فعله بغير قضاء من الله؟
  فإن قالوا: نعم فعله بغير قضاء من الله، وأن فعله ليس من الله في شيء - دخلوا في قول المعدلين، وقالوا بالحق في رب العالمين.
  وإن قالوا: فعل ذلك من الله، وإنه ليس بمعدول عنه، وإنه بقضاء منه - فقد
(١) زيادة من (ب، هـ).