كتاب الرد على المجبرة القدرية
  ردوا على الله قوله، وخسروا خسراناً مبيناً؛ إذ قالوا هو من الله، والله يقول ليس هو منه.
  ومما يُسألون عنه: أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[الفتح: ٢٥]، أتقولون: إنهم صدوهم عن المسجد الحرام كما قال الله، أم الله صدهم وقضى بذلك عليهم؟
  فإن قالوا: الله الذي صدهم - ردوا قول الله وخالفوا تنزيله.
  وإن قالوا: بل المشركون صدوهم عن المسجد الحرام والله تبارك وتعالى بريء من فعلهم ولم يقض به عليهم - خرجوا من قولهم، ودخلوا في قول المحقين.
  ومما يُسألون عنه: أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}[الأعراف: ٧١]، وعن قوله: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ}[النجم: ٢٣]، أتزعمون أنهم سموها وآباؤهم كما قال الله؟ أم تزعمون أن الله سماها دونهم؟
  فإن قالوا: إنهم سموها دون الله - فقد أصابوا وصدقوا قول الله، وخرجوا من الباطل إلى الحق.
  وإن قالوا: إن الله الذي سماها دونهم - خالفوا قول الله وردوا عليه قوله؛ لأنه يقول سبحانه: {سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ}، وهم يقولون: سماها دونهم، وهذا فأكفر الكفر وأجل الشرك.
  ومما يُسألون عنه: أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ٩ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ١٠}[الشمس]، نبئونا عن المزكي والمدسِّي من هو واحد هو أو اثنان؟ فإن قالوا: الله زكاها ودسّاها. قيل لهم: إن الله قد ذم من دساها، أتقولون إنه ذم نفسه أم ذم غيره؟
  فإن قالوا: ذم غيره - خرجوا بذلك من قولهم: إن الله جبر العباد على أفعالهم