مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب الرد على المجبرة القدرية

صفحة 270 - الجزء 1

  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ٢٥}⁣[محمد]، أفتقولون: إن الشيطان بريء من ذلك، وإنه لم يسول لهم منه شيئاً؟

  فإن قالوا: نعم - فقد كذبوا الله، وخرجوا بذلك من الدين.

  وإن قالوا: بل هو كما قال سبحانه، من الشيطان لا من الرحمن - فقد صدقوا ورجعوا إلى الحق وقالوا بالعدل، وأقروا بأن الارتداد من المرتدين، بتسويل الشيطان لهم، لا بقضاء الله بذلك عليهم؛ لأن الله لا يقضي بالارتداد ولا غير ما أمر به من اتباع دينه والائتمار بأمره، والانتهاء عن نهيه.

  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}⁣[آل عمران: ١٦٥]، أتزعمون أنه من عند أنفسهم كما قال الله؟ أم هو قضاء من عند الله قضاه عليهم؟

  فإن قالوا: إن ذلك من أنفسهم - قالوا بالحق وتعلقوا بالصدق.

  وإن قالوا: هو من عند الله وهو قضاؤه - قيل لهم: أفقولكم أصدق أم قول الله سبحانه؟ فإن قالوا: قول الله - صدقوا وأسلموا، وإن قالوا: قولنا - كفروا؛ لأن المصيبة لم تكن إلا بمخالفتهم لقول رسول الله ÷ حين أمرهم أن لا يبرحوا من باب الشعب، فخالفوا ورجعوا، فوجد الكافرون السبيل إلى دخول الشعب، فدخلوا فأصابوا ما أصابوا ووقعت المصيبة، فكانت منهم بمخالفتهم لرسول الله ÷، وزوالهم عن مواقفهم التي أوقفهم لانتظار أمره.

  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه فيما حكى عن نبيئه يوسف صلى الله عليه من قوله: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ