كتاب الرد على المجبرة القدرية
  إِخْوَتِي}[يوسف: ١٠٠]، أتقولون(١): إن الشيطان نزغ بينهم كما قال الله؟ أم تقولون: إن الله الذي نزغ بينهم وأدخلهم فيما فعلوا بنبيه صلى الله عليه، وقضى به عليهم فلم يجدوا منه بداً؟
  فإن قالوا: إن الشيطان الذي نزغ كما قال الله سبحانه وذكر يوسف - صدقوا ورجعوا إلى الحق من بعد الباطل، وخرجوا من الجبر إلى العدل.
  وإن قالوا: بل الله الذي نزغ بينهم بقضائه بذلك عليهم - أكذبوا(٢) قول يوسف في الشيطان، وردوا الذنب على الرحمن، وقالوا على الله بخلاف قوله في نفسه وقول نبيئه فيه، فهل يقول بإكذاب الله سبحانه وإكذاب نبيه يوسف وتصديق المجبرة من دون الله مؤمنٌ يؤمن بالله أو يعرفه؟
  ومما يُسألون عنه من كتاب الله سبحانه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله ﷻ عن أن يحويه قول أو يناله: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}[المجادلة: ١٠]، يريد: إلا(٣) بتخلية الله، والتخلية هاهنا: فهي ما جعل الله في الشيطان من الاستطاعة التي أمره أن يطيعه بها ويرضيه، فنهاه عن الوسوسة للعباد والمقاربة لهم، أفيقولون: إن النجوى من الشيطان كما قال الرحمن؟ أم يقولون إنها من الرحمن ويبرئون منها عدو الله الشيطان؟
  فإن قالوا: بل نقول إنها من الشيطان كما قال الله وقوله الحق، لا من الله - صدقوا وخرجوا بذلك من الجبر والظلم لله(٤) والكفر به والعدوان.
  وإن قالوا: بل نقول: إن كل ما جاء من نجوى للكافرين وتناجيهم بالإثم
(١) في (ب، هـ): أفتقولون.
(٢) في (أ، ب، د): أكذبوا. وفي بقية النسخ: كذبوا.
(٣) في (أ، ج، د، هـ): أي.
(٤) في (ب): والتظليم لله. وفي هامش (أ) مظنن.