كتاب الرد على المجبرة القدرية
  والعدوان والتراضي(١) بالعدوان والمحاربة للنبي ÷ قضاء من الله قضى به عليهم في نبيه وأدخلهم فيه، وأنه من الله لا من الشيطان - كفروا بالله وأكذبوا قوله، وخرجوا بذلك من دين محمد ÷، ورجعوا وتعلقوا بدين الجاهلية الأولى، وقولهم الذي أنكره الله تعالى عليهم وأكذبهم فيه.
  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ٨٢}[النساء]، أفتقولون: إن ما كان من قول الجاهلية من قولهم: إن القرآن الذي جاء به محمد ÷ ليس من الله بل هو من عند نفسه، وأنه تكهنه وكذبه(٢) على الله - هو كما قالوا، وإن الله قضى بذلك القول عليهم في نبيه ÷، وأنطقهم به عليه، وإنهم لم يقولوا ذلك إلا بقضاء الله عليهم به؟
  فإن قالوا: نعم نقول بذلك ونزعمه - ردوا الكذب على الله بإكذاب نبيئه، وزعموا أن الله أكذب نبيئه لا قريش، وفي ذلك الكفر بالله والشرك به.
  وإن قالوا: بل هو من عندهم لا من عند الله - رجعوا إلى الحق، وقالوا له ولرسوله ÷ بالصدق، وصاروا من أهل القرآن.
  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الرحمن فيما نزل من النور والفرقان: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٨}[آل عمران]، أتقولون: إن ليَّهم بالكتاب وتمويههم على المؤمنين بذلك وفيه من أنفسهم؟
  فإن قالوا: من الله قضاء قضى به عليهم. قيل لهم: فإنا نجد الله يقول
(١) في (ب، هـ): والتواصي.
(٢) في (هـ): يكتبه ويكذبه.