كتاب الرد على المجبرة القدرية
  قال الله وشهد به عليهم، وبرأ نفسه ونبيه من هذا الفعل العظيم.
  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه فيما يحكي عن نبيه نوح صلى الله عليه إذ يقول: {أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ٤١}[يونس]، أفتقولون: إن نبي الله صادق(١) في قوله: «أعمل» و «تعملون» فتوجبون له العمل؟ أم تقولون: إنه ليس له في ذلك اختيار ولا عمل ولا لهم، وإن ذلك كله من الله دونهم؟
  فإن قالوا: بل نقول: عمله وعملهم، وإنه صادق في ذلك - فقد برأوا الله من أفعال العباد، ورجعوا إلى الحق.
  وإن قالوا: بل هو فعل الله لا فعله ولا فعلهم - فقد كفروا وكذبوا قول رسول الله صلى الله عليه.
  ومما يُسألون عنه: [عن](٢) قول الله سبحانه: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}[التوبة: ٣]، فما قولكم فيما تبرأ الله منه من المشركين؟ أهو(٣) خلق أبدانهم وما فطر من صورهم أم هو أفعالهم وما يأتون به من كفرهم وعصيانهم؟
  فإن قالوا: إنه تبرأ من أن يكون خلقهم وجعلهم، وأوجدهم وفطرهم - كفروا بالله وأشركوا في الخلق معه غيره تعالى الله الكريم.
  وإن قالوا: تبرأ من أفعالهم وعصيانهم فقد أقروا أنه بريء من أفعال العاصين، متعال عن القضاء بفساد المفسدين، وتركوا قولهم بالإجبار وصاروا من القائلين على الله بالعدل والإحسان.
  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه لنبيه ÷:
(١) في (أ، ب): صدق.
(٢) زيادة من (ب، هـ).
(٣) في (ب، هـ): هل هو.