مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب الرد على المجبرة القدرية

صفحة 276 - الجزء 1

  وكذبوه في قوله، [والمجبرة تقول⁣(⁣١): إن الله طوع له ذلك وقضى به عليه وأدخله فيه⁣(⁣٢)]، ولولا أنه قضى بذلك عليه لم يفعله، والله يتبرأ عن ذلك ويخبر أن نفسه طوعت ذلك له، وأنه بريء من ذلك سبحانه.

  ومما يُسألون عنه قول الله سبحانه فيما يحكي عن الكافرين في يوم الدين من القول حين يقولون: {رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ٦١}⁣(⁣٣) [ص]، فقال سبحانه: {لِكُلٍّ ضِعْفٌ}⁣[الأعراف: ٣٨]، يريد سبحانه: لكم ولمن قدم ذلك لكم وبه أمركم وزينه في قلوبكم وأدخله في صدوركم، فيقال للمجبرة: أخبرونا عن الذي قدم ذلك لهم وأدخلهم فيه وقضى عليهم به فإنا نجد الله سبحانه يخبر أن له ولهم ضعفاً من العذاب؟

  فإن قالوا: إن الله قضى به وأدخلهم فيه بقضائه - فقد زعموا أن الله قد أوعد نفسه العذاب وأوجب⁣(⁣٤) عليه إذ قضى بالكفر عليهم وأدخلهم بقضائه فيه، وهذا الكفر بالله تعالى عن ذلك علواً كبيراً.

  وإن قالوا: إن الله سبحانه لم يقض بذلك عليهم ولم يدخلهم فيه وإن إخوانهم من شياطين الجن والإنس أدخلوهم فيه، وزينوه لهم وحملوهم عليه، وإنهم هم أهل الوعيد الذي ذكر الله سبحانه - فقد أصابوا وخرجوا من قول المجبرة ورجعوا إلى قول أهل العدل.

  ومما يُسألون عنه قول الله سبحانه فيما يحكي عن الفاسقين الكفرة الضالين حين يقولون: {رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ


(١) في (ب، ج): والمجبرة يقولون.

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (هـ).

(٣) في هامش (أ): هذه آية (ص) وليست الآية التي بعدها: {قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ}⁣[الأعراف: ٣٨]، وإنما هي بعد آية الأعراف التي هي: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}⁣[الأعراف: ٣٨]، ... إلخ، والظاهر أنه # يريد آية الأعراف.

(٤) في (أ، ب، هـ): وأوجبه.