مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

مقدمة الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #

صفحة 35 - الجزء 1

  العلم الشريف - كثر الله سوادهم - على الاهتمام بإخراج كتب أئمتهم الأطهار، وشيعتهم الأبرار إلى حيّز الوجود، سليمة نقية صافية خالية من الدغل والزلل، وتوخي الأمانة والنزاهة في النقل من الأصول المأمونة.

  هذا، ومن العجائب - وما عشت أراك الدهر عجباً - أن أناساً من رؤساء هؤلاء الفريق صاروا يموهون على الأغمار، بأن العترة الأطهار $، وأتباعهم الأبرار ¤، ينهون عن اتباع الدليل، ويأمرون بالتقليد، ويَسِمون - من خالف آل محمد ~ وعليهم ورفض الأدلة المعلومة من الكتاب والسنة - بالاجتهاد المطلق، والاتباع للحق.

  ويا سبحان الله! ومن الذي دعا الخلق إلى الحق، واتباع الكتاب والسنة، وهدى العباد، وسنّ لهم الجهاد والاجتهاد، والأخذ ببرهان الأدلة؟! غير أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، قرناء التنزيل، وأمناء التأويل، صلوات الله وسلامه عليهم.

  وقد عَلِمَ كل ذي عِلْمٍ أنها ما تأسست التقليدات إلا لصد الناس عن العترة المطهرة عن الأرجاس، المنزهة عن الأدناس، وهي من البدع المحدثة في الأديان، التي ما أنزل الله بها من سلطان.

  وقد علم أولو العلم أن هؤلاء الأئمة الذين أمروا الناس بتقليدهم، كانوا من أنصار أئمة العترة، القائمين بما أمرهم الله تعالى لهم من المودة والنصرة، وأقوالهم وأفعالهم معلومة، وحاشاهم عن رفض التمسك بالثقلين وتنكب سفينة النجاة، وترك المودة لمن أمرهم الله تعالى بمودته، وألزمهم بموالاته وطاعته، من أعلام أهل بيت نبيهم الهداة.

  قال المحدث الكبير يحي بن أبي بكر العامري في الرياض المستطابة: وقد ذكر ابن الجوزي وغيره أن الأئمة المتبوعين في المذاهب بايع كل واحد منهم لإمام من أئمة أهل البيت، بايع أبو حنيفة لإبراهيم بن عبد الله بن الحسن، وبايع مالك لأخيه محمد، وبايع الشافعي لأخيهما يحيى. انتهى المراد.