مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[أولا: الرد على المرجئة]

صفحة 125 - الجزء 1

  وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}⁣[النساء: ١٦٣]، فأمر كل نبي أن يأخذ بالسُّنَّة والسبيل.

  فكان من السُّنة والسبيل التي أمر اللّه سبحانه وتعالى بها قوم⁣(⁣١) موسى، أن جعل عليهم السَّبت، فكان مَنْ عَظَّم السبت ولم يستحله - يفعل ذلك من خشية اللّه - أدخله اللّه الجنة بذلك، ومن اسْتَخَفَّ بحقه، واسْتَحَلَّ فيه ما حَرَّم اللّه سبحانه وتعالى من العمل الذي نهاه عنه؛ أدخله اللّه النار، حتى ابتلاهم اللّه بالحيتان التي كانت تأتيهم يوم سبتهم شرعاً⁣(⁣٢).

  فلما اصطادوا الحيتان يوم السبت واستحلوا أكله غَضِبَ اللّه سبحانه عليهم بذلك، من غير أن يكونوا أشركوا بالرَّحمن، ولا شكوا في شيء مما أنْزَل على موسى ، فقال اللّه تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}⁣[البقرة: ٦٥].

  وبعث اللّه سبحانه عيسى # بشهادة أن لا إله إلا اللّه والإقرار بما جاء به من عند الله، وجعل له شِرْعَةً ومِنْهَاجاً، فَهُدِمَ السَّبتُ⁣(⁣٣) - الذي كان بنو إسرائيل يعظمّونه قبل ذلك - وعامةُ ما كانوا عليه من السُّنة والسَّبِيل، فأُمِرُوا أن يتبعوا سُنَّة عيسى # وسبيله، فمن اتَّبَع سُنَّة عيسى # وسبيله أدخله اللّه الجنة، ومن ثبت على السبيل الذي جاء به موسى ولم يتبع عيسى # أدخله اللّه النَّار؛ وإن كان مؤمناً بما جاء به الأنبياء $ لا يشرك بالله شيئاً. فلم يزل من اتبّع عيسى # مهتدياً ما عمل بسنة عيسى # وسبيله مِنْ بعده.


(١) ما بين القوسين زيادة.

(٢) إقتباس من قوله تعالى: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ١٦٣}.

(٣) هدم السبت: أي بطل حكمه.