[التفضيل اختيار من الله تعالى]
  وهل كان أهل الأنبياء وذرياتهم نجوا هم ومن اتبعهم، أو هلكوا ونجا غيرهم؟ فإن وجدتهم هم أهل النجاة مع الأنبياء، وهم بقية معادن الحق بعدهم، فاعلم أن هذه الأمة لا تنجو إلا بمثل ما نجا به الأمم من قبلهم.
  وإنا لنرجو من اللّه جل ثناؤه أن يجعل لنا من الفضل بقرابته ÷، على أهل الأنبياء كفضل ما جعل اللّه لنبينا صلى اللّه عليه وآله عليهم؛ لأن اللّه قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ}[آل عمران: ١١٠]، ولعلك إن شاء اللّه تعرف في آخر ما في هذا تفسير ما أجملت لك في أوله وتعرف بذلك من الكتاب ما يهدي ولا قوة إلا بالله.
[التفضيل اختيار من الله تعالى]
  فمن زعم أن أهل هذه القبلة كلهم أهل صفوة وحبوة وخيرة ليس بينهم تفاضل، فإنا لا نقول ذلك، لأنه ليس كل من اتبع الأنبياء سماهم اللّه أهل صفوة وحبوة وخيرة، وقد سمى اللّه جلّ ثناؤه أهل صفوة وحبوة وخيرة فقال: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ}[القصص: ٦٨] وليس كل من خلق اللّه خيرة ولكن يختار منهم من يشاء، فقال: {مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[القصص: ٦٨]، وقال: {قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى أَاللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ}[النمل: ٥٩]، فليس كل العباد اصطفى اللّه، ولكن اللّه يصطفي منهم من يشاء وقال ø: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ}[الحج: ٧٥]. وإنما فضلت نعم اللّه بين الناس عن غير حول أحد منهم ولا قوة، إلا مناً من اللّه ونعمة، وفضلاً يختص به من يشاء.
  فكنا أهل البيت ممن اختصه اللّه بنعمته وفضله، حين بعث مِنَّا نبيه صلى اللّه عليه