[الرعاة لهذه الأمة]
  بقَلْبِه، المباينَ لهم بعَمَلِه، العالمَ بمنزلة أهل الحق وما يجري عليهم في دُوَل الكافرين، وسلطان الجائرين، الذي يعمل بطاعة اللّه، ويريد ثوابَ اللّه - وإن كان في جماعتهم وبين ظهرانيهم - يضاعف اللّه له الأجر، ويُكْمِلُ له ثَوَاب المحسنين، ويَتَقَبَّل منه تقبله من المؤمنين المتقين.
  وكيف يأخذ اللّه المحسن بالمسيء إذا كان مقهوراً؟! ولكن من كَثَّر جماعتهم وأعانهم على ظلمهم وجِبَايَاتِهم، واكْتَتَبَ في ديوانهم، فهو شريكهم ومنهم، وإذا ذكروا اللّه بألسنتهم لعنتهم الملائكة، وحَلَّ عليهم سَخَطُه ونِقْمَتَه.
  وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً، وقد قال سبحانه وتعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٨٦}[الزخرف]، فمن جاءك عني بأمر أنكره قَلَبُك، وكان مبايناً لما عهدته مِنِّي، ولم تفقهه عَنِّي، ولم تره في كتاب اللّه ø جائزاً، فأنا منه برئ، وإن رأيت ذلك في كتاب اللّه ø جائزاً، وللحق مُمَاثِلاً، وعهدت مثله ونظيره مني، ورأيته أشبه بما عهدته عني، وكان أولى بي في التحقيق، فأقبله، فإن الحق من أهله ابتدأ وإلى أهله يرجع.
[الرُّعاة لهذه الأمة]
  وذكرت أن قوماً ذكروا أن اللّه سبحانه وتعالى جعل رعاية عباده إلى الملوك، وجعل ذرية الرسول ÷ كسائر رَعِيَّةِ الملوك، وأنه ليس لأحد من ذرية الرسول ÷ إزالة ما جعله اللّه سبحانه وتعالى للملوك، لأن اللّه تعالى قد قال: {قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[آل عمران: ٢٦] فقد كَذَبَ القائلون هذا على اللّه ø، وأحالوا جميع الحق وأزالوه عن مَعْدِنِه.