مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[سبيل النجاة عند الإختلاف]

صفحة 222 - الجزء 1

  وأهداهم فيه. فخالفهم ضرباؤهم - من الناس في رأيهم وتأولهم - وأكفاؤهم في السنة، وقد قرأوا القرآن مثل قراءتهم، وأقروا من تصديق النبي صلى اللّه عليه وآله بمثل ما أقروا به، فمن هنالك اختلفوا ولا يرجع بعضهم إلى بعض، فانظر فيما أصف لك.

[سبيل النجاة عند الإختلاف]

  فلعمري إنا لنعلم أن أعلم الناس أعلمهم بالقرآن، وأن أهدى الناس لَمَن عمل به الْمُتَّبِع لما فيه، ولقد قال اللّه جل ثناؤه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}⁣[الإسراء: ٩].

  ولكن انظر - إذا تفرق الناس وكلهم يُقِرُّ بالكتاب وبالنبي ÷، وبعضهم ينتحل الهدى دون بعض - هل في كتاب اللّه ø تفضيل لبعض أهل هذه القبلة على بعض؟ ينبغي أن تعرف أهل ذلك التفضيل في كتاب اللّه جل ثناؤه، وتُفَضِّلهم بما فضلهم اللّه ø، وتكون بهم مقتدياً.

  فإن أحببت أن تعلم ذلك إن شاء اللّه فانظر في القرآن هل بعث اللّه نبياً إلا سمى له أهلاً؟ وهل أنزل كتاباً إلا وقد سمى لذلك الكتاب أهلاً في كتابه وعلى لسان نبيه ÷. ثم قَصَّ عليكم أعمال من نجا منهم، وأعمال من هلك منهم، وأخبركم مَنْ كان أهلَ صفوته من الأمم الذين نجوا مع أنبيائهم، ومن كان في بقية أهل الحق بعد الأنبياء $.

  فإن وجدتَ في الكتاب أن أهل الأنبياء ومن اتبعهم نجوا مع أنبيائهم، وأن بقية الحق من الأمم كانوا ذرية الأنبياء؛ فاعلم أن هذه الأمة لن تنجوَ إلا بمثل ما نجا به مَنْ كان قبلهم، حين اختلفوا في دينهم، وقتل بعضهم بعضاً على دينهم.

  ثم انظر هل تجد لنبيكم أهلاً وذُرِيَّة سماهم اللّه في كتابه كما سماهم للأنبياء قبله؟