مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[مقتل عثمان]

صفحة 283 - الجزء 1

[مقتل عثمان]

  ثم انتهى كلامه إلى ذكر عثمان، وأنه سار بسيرة صاحبيه، وكان على منهاجهما، ثم مال إلى الطقاء⁣(⁣١)، وأبناء الطلقاء فاستزلوه فنكث على نفسه، فاجتمع في أمره المهاجرون والأنصار، فاسْتَعْتَبُوهُ فأبى إلا تمادياً فيما لا يوافق الكتابَ ولا السُّنَّة - التي اجتمعوا عليها - فقتلوه.

  فقلت له: أكل المسلمون قتله يا ابن رسول اللّه؟

  فقال #: لا، لكن بعض قَتَلَ، وبعض خَذَلَ، والقاتل والخاذل سواء، فمكث ملقى لا تدفن جثته أياماً ثلاثة⁣(⁣٢).

  فقلت: فما منعهم من دفنه يا ابن رسول اللّه ÷؟

  فقال #: لو أنهم أرادوا دَفْنَهُ لم يروا قَتْلَهُ، فأقام ثلاثة أيام على المزبلة وكان الصبيان يمشون على بطنه، ويقولون:

  أبا عمرو أبا عمرو ... رماك اللّه بالجَمرِ

  وَلقَّاك من النَّار ... مكانا ضَيِّقَ القَعْرِ

  فما تصنعُ بالمال ... إذا أُحْدِرْتَ في القَبر


(١) الطلقاء هم الذين عفى عنهم النبي ÷ يوم فتح مكة، وقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء، وكان معاوية بن أبي سفيان منهم، وبنو أمية.

(٢) ذكر كثير من المؤرخين وأصحاب السير، منهم الطبري في تاريخه (٤/ ١٣٨) (مؤسسة الأعلمي)، واليعقوبي في تاريخه (٢/ ٥٩)، وابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة (٢/ ٣٦٨)، وابن عبد البر في الإستيعاب بهامش الإصابة (٣/ ٨٠)، وغيرهم كثير: أن جثة عثمان ألقيت على المزبلة ولم تدفن ثلاثة أيام، وأنه لم يغسل ولم يكفن ولم يُصَلَّ عليه مدة ثلاثة أيام، وأنه دُفِن سراً. انظر: الغدير ٩/ ٢٠٨ - ٢٠٩.