[معنى مكر الليل والنهار]
[معنى مكر الليل والنهار]
  أخبرنا العلوي قال: حدثنا ابن النجار، قال: حدثنا إسحاق بن محمد المقري وعبد العزيز بن يحي الجلوذي، قالا: أخبرنا محمد بن سلمة، قال: حدثنا عبدالله بن محمد، قال: حدثني عمارة، قال: حدثني عبيد الله بن العلا، قال: سمعت سعيد بن بارق يقرأ على الإمام زيد بن علي @ شيئاً حتى انتهى إلى قوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}[سبأ: ٣٣]، فوقف؛ قال الإمام زيد بن علي @: ما يوقفك؟ قال جعلت فداك أي مكر الليل والنهار وهما لا يمكران؟
  قال الإمام زيد بن علي @: وهذا الحرف أو أعجبك فله مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا}[يوسف: ٨٢]، والقرية لا تسأل إنما يسأل أهلها، {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ}[الكهف: ٥٩]، أي أهلها مجاز ذلك: على ما يفعلون.
  والعرب تقول: بنوا فلان تطؤهم الطريق أي أهل الطريق لأن الطريق لا تطأ، وقولهم: ما نزلنا نطأ السماء حتى جئناكم، أي ماء السماء، والسماء لا تطأ.
  وكذلك بل مكر الليل والنهار، وكذلك في: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى}[البقرة: ١٨٩]، ومن اتقى ليس بالبر ولكنه البار والبر فعله، و {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[لقمان: ٢٨]، أي كخلق نفس واحدة.
  وسمعتُ بعض العرب تقول: أطيب الناس الزبد، وإنما يريد أطيب طعام الناس الزبد، وكذلك يقول القائل: أنت أكرم عليّ من أن أضربك، أي من صاحب الضرب مجاز هذا على سعة الكلام، وأنشد للخنساء:
  ترتع ما رتعت حتى إذا أدكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار