مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[تبيين أهل الحق باتباع الدليل]

صفحة 159 - الجزء 1

  رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}⁣[النمل: ٤٠]، وإنما يعني بذلك شكر ما أعطاه اللّه تبارك وتعالى حين رأى العَرْش مستقراً عنده، وما كان سليمان # يخشى من نفسه أن يشرك بالرحمن، ولكن كان يخشى أن لا يبتلي اللّه من نفسه قدر شكر ما أعطاه.

[تبيين أهل الحق باتباع الدليل]

  وإن هؤلاء إنما فارقونا عند شهادتنا على أهل الموجبات التي أحل اللّه تعالى أصحابَها النارَ، والقَتَلَةِ، والزُّنَاةِ، وشُرَّابِ الخمر، والذين يعملون عمل قوم لوط، والذين يسعون في الأرض فساداً، ويسفكون الدماء، والذين يأكلون الربا، إنا شهدنا عليهم بما أنزل اللّه فيهم من النقمة والعذاب وتبرأنا منهم، فَفَارَقَنَا أهلُ البدع والباطل منهم، وغضبوا لهم وشهدوا أن إيمانهم ثابت عند اللّه تعالى - كإيمان جبريل وميكائيل والملائكة المقربين صلوات اللّه وسلامه عليهم، وأدخلوهم في ولايتهم حين تبرأنا منهم.

  فلا يحل لمؤمن يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر يُقْرأ عليه هذا الكتاب إلا أقام الشهادة لله الحق، أنحن أولى بالحق بتبرئنا ممن سخط اللّه عليه وأوجب له العقاب، أم هؤلاء الذين أدخلوهم في دينهم وتولوهم فلم يتبرأوا منهم؟

  وأني لم أجد لهم مثلاً إلا امرأة كان لها ابن عَاقٌّ، فاستعدت عليه ملك قومها، فأرسل معها شرطياً، وقال: ائتني به لأضربنه ضرباً شديداً أُسِيْلُ دَمَه. فلما أيقنت بالشر لابنها خرجت من عند الملك، فقالت لأول شاب لقيته لا تعرفه ولا تدري من هو: هذا إبني. فأخذه الشرطي فذهب به إلى الملك، فلما دخل الشاب على الملك قال للملك: والله ما هذه بأمي ولا أعرفها ولا أدري أي الخلق هي، فقالت المرأة: ألا تَبَيَّن عقوقه؟ إنه تبرأ مني. فاشتد غضب الملك عليه فجلده حتى سَيَّل دمه، وحمل