[بيان أهل الحق عند الإختلاف]
  قريش تفاخر بفضل آبائهم على الناس، ولا تعترف لذرية النبي ÷ بالفضل عليهم.
[بيان أهل الحق عند الإختلاف]
  فإن قلت: قد اختلفوا. فقد صدقت، وإنما أنبأكم اللّه فقال: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ - يقول في الكتاب - إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم}[البقرة: ٢١٣]، فانظر حين اختلفوا أين كان أهل الحق؟ فإنه لا يشكّل أهل الحق.
  وإن بني إسرائيل حين اختلفوا سماهم اللّه أهل الكتاب، ثم لم يخرج الحق منهم بل جعله فيهم، قال اللّه ø: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٢٣ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[السجدة: ٢٣ - ٢٤].
  وكان مِن مَنِّ اللّه وفضله على آل محمد ÷ أن اللّه جل ثناؤه جعل له من قومه وعشيرته الأقربين قوماً أقربهم إليه، فأمره أن يُنْذِرهم فقال تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[الشعراء: ٢١٤]. فاستجاب له أقرب الناس رحماً من: عم، وابن عم أخٍ لأبٍ وأم، ولم يستجب له آخرون من مثل منزلتهم في الرحم، فقال اللّه ø: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ}[الأحزاب: ٦]. فلم يجعل اللّه ولاية أهل الأرحام إلا على الإيمان والهجرة، قال اللّه ø في آية أخرى في المهاجرين: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}[الأنفال: ٧٢]، وقال تعالى: {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا