[الأدلة على أن مرتكب الكبيرة لا يسمى مؤمنا]
  الآخرة فكيف [يسمى مؤمناً(١) في الدنيا؟!]
  [فقل] لأهل البدع والباطل: أرأيتم لو أن رجلاً دفع إلى رجل عشرة آلاف درهم كانت ليتيم في حِجْرِه، فسأله أن يردها إليه، فجحده فيها ولم تكن له عليه بَيِّنَة، فاستحلفه فحلف له بالله يمينَ صَبْرٍ، ما دفع إليه شيئاً، وماله عليه حَقٌ، قليل ولا كثير، أكان ممن اشترى بعهد اللّه وأيمانهم ثمناً قليلا؟ وإن اللّه تعالى قال: {مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}[النساء: ٧٧]، فلو أنه كان ممن اتقى اللّه تعالى ولم يشتر بعهد اللّه وأيمانه ثمناً قليلا لم يَخُنْ أمانته، فإن اللّه قال: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب: ٧٢]. فمن لم يؤد أمانته فيها كان منافقاً وكان كافراً، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا}[النساء: ١٠٧]. وقال ø: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}[يوسف: ٥٢].
  ولا يتوب اللّه إلا على من تاب إليه، ولا يرضى عمن اتبع سخطه، إنما يرضى اللّه تعالى عمن أرضاه واتبع رضوانه، ومن استغنى عن اللّه ولم يتب إليه استغنى اللّه عنه، ولو قال بلسانه: تُبْتُ إلى اللّه، وخان أمانته، وأكل مال اليتيم، ولم يرده إلى أهله كان منافقاً، يَخْدَع نفسه.
[الأدلة على أن مرتكب الكبيرة لا يسمى مؤمناً]
  وأنزل اللّه تبارك وتعالى في المدينة: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ١ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ
(١) ما بين القوسين زيادة تتم الفائدة؛ لأن في النسخ بياض. وهذا ظن.