مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[معاني الهدى]

صفحة 343 - الجزء 1

  وأما الضلال من الآدمي لمثله ومن الشيطان، فهو الدعاء والتزيين للمعصية فإذا دعوته إلى معصية وزينتها له فقد أغويته وأضللته، وهذا المعنى منفي عن الله جل اسمه.

  وأما ضلال الأصنام وهي لا تدعوا إلى ضلال ولا تعقل، وكذلك {وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ٢٣ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا}⁣[نوح]، وإنما ذلك لأن القوم لما ضلّوا عن الأصنام وكانت سبب ضلالهم لأنهم عبدوها سُميت مضلة لهم، كقولك: قد أهلكت هذه المرأة الرجل وأفسدته وأذهبت عقله، ولعلها لم تعلم به ولم تره، ولكنه لما فسد عنها قيل ذلك؛ فهذا مجاز الضلال.

[معاني الهدى]

  قال الإمام زيد بن علي @: كذلك الهدى يكون على وجوه؛ فمنها: قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٨٧}⁣[الأنعام]، وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢}⁣[الشورى]، وقال ø: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}⁣[الأنبياء: ٧٣].

  فأخبر جل وعلا أنه يهدي، وأن النبي ÷ يهدي، وأن المؤمنين يهدون.

  والمعنى من الله تعالى في الهداية: دلالته على الحق ودعوته عليه وتسميته به.

  والدليل على ذلك قول الله ø: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}⁣[فصلت: ١٧]، فالمعنى: دللناهم وبينا لهم، وقال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ٣}⁣[الإنسان].

  والهداية الثانية من الله تعالى: العصمة هكذا حكمه جل ثناؤه فيهم.

  وأما الهداية من النبي ÷ والمؤمنين فالدلالة وحدها والبيان والمعين الزائد في القوى وشرح الصدور عن أياديها كذلك.